كان الدكتور غازي القصيبي أديباً سعودياً وقدوةً سياسيةً ومفكراً معروفاً لعمله في المجال الأكاديمي، الخدمة العامّة، الدبلوماسية والأدب، فتنوّعت إنجازاته في التحليلات السياسية الواقعية وصولاً إلى التأملات الشاعرية العميقة. تأثّرت طفولته بوفاة والدته وهو في عمر صغير، ما تركه معزولاً عن زملائه. حاز شهادة في الحقوق من جامعة القاهرة، ومن خلال منحة حكومية، حاز ماجستر في العلاقات الدولية من جامعة جنوب كاليفورنيا حيث شغل أوّل دور إداري له بتبوّئه رئاسة جمعية الطلاب العرب. وبعد عودته إلى أرض الوطن، كان مستعدّاً لأن يصبح أستاذاً في كلّية إدارة الأعمال في جامعة الرياض، المعروفة اليوم بجامعة الملك سعود، إلّا أنه تمّ اختياره ليكون عضواً في وفد سلام سعودي- يمني، ليعود بعدها إلى حرم الجامعة في عام 1966، حيث درّس ما لا يقلّ عن سبع موادّ. وبعد عودته من لندن حيث سافر في عام 1967 للحصول على دكتوراهّ في العلوم السياسية، كانت له أدوار وإنجازات عدّة في مجالات مختلفة، تشمل كتابة عمودين شهرياً في صحيفة "الرياض"، عمادة كلّية التّجارة وتقديم برنامج تلفزيوني عن العلاقات الدولية. كما انضمّ إلى لجان حكومية، منها لجنتا وزارة الدفاع والطيران ووزارة المالية. في عام 1973 تسلّم منصب مدير هيئة السكك الحديدية، ليتمّ تعيينه بعدها وزيراً للصناعة والكهرباء في عام1975، حيث خدم شعب بلاده بطرق عدّة، نذكر منها مسألة تأمين الكهرباء لمناطق كانت تحيا في الظلام، فضلاً عن الدور الحيوي الذي أدّاه في تأسيس شركة "الصناعة السعودية الأساسية" التي أصبحت اليوم إحدى أهم الشركات البتروكيماوية في العالم. واستمرّت مساهمات الدكتور القصيبي في العمل السياسي، فكان وزيراً فعّالاً للصحّة، ثم سفيراً للمملكة في البحرين والمملكة المتحدة، وأخيراً وزيراً للمياه وللعمل، قبل وفاته في عام 2010 .إلى جانب مساهماته المهنية في الخدمة المدنية، تمتّع الدكتور القصيبي بعبقرية أدبية بارزة تجلّت في منتوجه الأدبي والذي يضمّ العديد من دواوين الشعر والروايات والقصص الواقعية، والتي قد يكون كتاباه "شقة تدعى حرية" و"عصفورية" أكثرها شهرة. استرعت أعمال الدكتور القصيبي الأدبية اهتمام النقّاد، فعدّها السعوديون منهم، ليبرالية إلى حدّ بعيد، بينما يراه نقّاد المملكة المتحدة محافظاً وملتزماً دينياً، ولكنهم جميعهم يتفقون على أنه من أكثر الكتّاب تأثيراً في المملكة العربية السعودية، ولا تزال كتاباته تلهم الشباب جيلاً بعد آخر.
ترك في النشرة الإخبارية لاطلاعك على الأحداث القادمة والتحديثات